هل يهرب منك الآخرون؟
تحدثت أنا وصاحباتي حول الأكثر محبة بين الناس، وأكثرهم نفورا منهم... وكان لكل صنف منهما صفات عديدة... فالناس يحبونك إذا كنت طيبة القلب، متعاونة كريمة اليد حلوة اللسان والمعشر، وينفرون منك إن كنت بخيلة، سليطة اللسان مؤذية التصرفات أو لئيمة الطبع... أو إذا كنت تثيرين تقززهم من السلوكيات الخاطئة التي ينفر منها كل آدمي...و فوق كل هؤلاء وتلك... يحبونك إن كنت بشوشة مبتسمة، وينفرون منك إن كنت شكاية متذمرة.
وأنا لا أعني البشاشة في وجههم بدل العبوس، فهذه ظاهرة ذوقية ووصية دينية وصىّ بها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وجعل لها أجر الصدقة، دن أن تنفقي من وقتك أو مالك شيئا، بل أعني أن تتسمي بصفة المرح والانطلاق للحياة، والتفائل.. وبأنك باختصار تستطيعين إدخال السرور في نفوسهم بدل أن يروك مهمومة مغمومة كأن الدنيا على رأسك، وبالتالي تنقلين كل مشاعرك السلبية لهم، وتستقبلها مؤشرات التفاعل لديهم دو أن يشعروا أو يرغبوا...
وعلى التضاد... فكثير الشكوى عادة يكون شخصا يهرب منه الآخرون، وإن أحبوه... فحتى لو كان لديه مئات الأصدقاء فسيأتيهم يوم يبلغون حد الانفجار من شكواه، وهمومه.
وأذكر تجربة لإحداهن تحب الفضفضة للآخرين، ليس الكل بطبيعة الحال وإنما أولئك المصطفات من صديقاتها، لكنها لاحظت أنهم بدأن في التسرب شيئا فشيئا من حولها ما أن تفتح فمها بالشكوى، تقول: بالطبع أصبت بالقهر... كيف تخونني صديقاتي وما الفائدة منهن؟ وإن هم لم يسمعن إلي فمن سيفعل؟ وحدث أن دارت الأيام وصارت هي في محل المشتكى إليه، وهي الشاكية.. تقول لم أتوقع أن الأمر يتطلب حلما وصبرا بالغين.!
عندها توقفت عن لومهن، واخترعت حلا.. هو الشكاية للورق، فلا مثلها أقدر على كتم الأسرار... ولن تضجر منك يوما مهما طالت بك الشكوى أو سخفت.
الأصدقاء لا يعني أن يكونوا محطة لهمومنا، وآذانا لشكوانا،،،فهم أولا وأخيرا سيصابون بالملل... عدا أن بصمتك السلبية ستترك آثارها عليهم... وتفسد يومهم... وربما، بعد فراغك من الشكوى سترتاحين وتنصرفين لشيء يسعدك.. في حين أن نفس صاحبتك قد امتلأت بقيح شكاوك، وألمك.. فطار عليها الهناء...!
هل تعلمين ماذا يسمون أصحاب الشكوى....؟
يسمونهم البكائين... الذين لا يعرفون طعم القناعة... ويهوون الشكوى من كل شيء ولكل شيء...
من يحب أن يملك هذا اللقب وهذه الصفة؟
تجربة الشكوى للورق، أو كتم الألم للانطلاق بعدها بيوم جديد، وجعلها ذكرى منسية تجعلك أكثر قربا للآخرين.. وفي نفس الوقت توفر عليك القلق من أن يرك ربما يفشى أو الحرج من رؤية من شكيت له... كذلك منى تعلمت أن توسعي أفقك في المشكلة... فبدل البحث عن أذن تصبين فيها شكواك... ابحثي بنفسك عن الحل الذي يمكن أن يعطيك إياه الآخرون... دون أن تشركيهم في شكايتك... ووفري (شكواك) لمشكلة حقيقية.. ستحتاجين فيها حقا إلى من يسمع إليك ويحتويك ويزيل ألمك... ووقتها ستجدين تلك الأذن بكل سهولة... وربما هي من سيبحث عنك...
مجلة حياة للفتيات باب بيني وبينك العدد116
اختكم ريام