المعلم ...صفاته ، خصائصه ...
....المعلم والمتعلم هما قطبا العملية التعليمية ، ويرتبطان فيما بينهما ارتباطاً عضوياً ، لدرجة أن المربين المسلمين اعتبروا المعلم بمثابة الوالد للمتعلم.
يقول حجة الإسلام الغزالي : على المعلم أن يجري المتعلمين مجرى بنيه ، بأن يقصد إنقاذهم من نار الآخرة ، وهو أهم من إنقاذ الوالدين ولدهما من نار الدنيا ، لذلك صار حق المعلم أعظم من حق الوالدين ، فان الوالدين سبب الوجود الحاضر والحياة الفانية، والمعلم سبب الحياة الباقية.
....المعلم هو محور الرسالة التربوية والركيزة الأهم في نجاحها ، فمهما كان الكتاب المدرسي جيد العبارة ، رفيع الأسلوب وافي الفكرة ، وأنه مهما روعي في وضعه من القواعد والأسس فإنه لن يحقق الهدف المنشود إذ لم يقم على تدريسه مُعلم يتمتع بالكفاءة والقدرة والوعي والإخلاص والتقوى.
من هو المعلم ؟؟
المعلم هو القائد التربوي الذي يتصدر لعملية توصيل الخبرات والمعلومات التربوية وتوجيه السلوك لدى المتعلمين الذين يقوم بتعليمهم.
نعم إنه قائد تربوي ميداني يخوض معركته ضد الجهل والتخلف ببسالة فائقة سلاحه الإيمان بالله تعالى ، ونور العلم الذي يتحلى به، وهو يحقق الانتصار تلو الانتصار في الصباح وفي المساء ، وبذلك فهو يسعد الناس من حوله حتى وَصَفوه بالشمعة التي تحترق لتضيء الطريق أمام الآخرين، ولا شك أن هذا التشبيه له دلالته الهامة على مكانة المعــــلم على الرغم من أن تشبيه المعــــلم بالشمعة لا يروقني ، لأن الشمعة إذا انتهت خلّفت رماداً وفاقد الشيء لا يعطيه ، ولكنني أشبه المعلم بالشمس الساطعة التي تضيء لنفسها وتضيء للآخرين.
إن دور المعلم في بناء الإنسان وقيام الحضارة لا يستطيع أن يتجاهله أحد ، بل إن نجاح النظام التعليمي يعني نجاح الحضارة وتميزها .- - - قال قائل الألمان لما انتصرت المانيا في الحرب السبعينية : لقد انتصر معلم المدرسة الالمانية ، وقال قائل فرنسا لما انهزمت في الحرب الثانية : إن التربية الفرنسية متخلفة وقال قائد الأمريكان لما غزا الروس الفضاء : ماذا دها نظامنا التعليمي؟""
إذن فالمعلم هو الذي يصنع النصر وهو الذي يكون سبباً في الهزيمة.
يقول أحد الباحثين : يترك المعلمون آثاراً واضحة على المجتمع كله وليس على أفراد منه فحسب ، كما هو الحال مع الأطباء مثلاً ، فالمعلم في الفصل لا يُدرّسُ لطالب واحد فقط ، وإنما للعشرات وهو بهذا يمر على مئات التلاميذ خلال يوم واحد من أيام عمله ، ثم وإن الطبيب عندما يعالج مريضاً فهو إنما يعالج الجزء المعتل في بدنه فحسب وليس البدن كله 0 وهو لا يؤثر على المريض ذلك التأثير الذي يتركه المعلم على عقول طلبته وعلى شخصياتهم وكيفية نموها وتفتحها على حقائق الحياة ، وأحياناً على مسارات حياتهم ما بقي فيهم عرق ينبض
وبناءً على ما تقدم نجد أن علماء التربية والمهتمون بالتعليم عكفوا على دراسة الأمورالتي تخص المعلم فمن الباحثين من درس صفات المعلم النفسية ، وخصائصه المعرفية ، ومنهم من درس سلوكه وأثره على المتعلمين ومنهم من درس كيفية تعامله مع الطلاب ومنهم من بحث في أساليب التدريس السليمة ... الخ.
وقد تحدث (ايرل بولياس ، جيمس يونغ) في كتابهما عن المعلم والذي كان عنوانه :-
(A Teacher is Many Things)عن صفات وخصائص يتصف بها المعلم زادت عن عشرين صفة أهمها:-
1. المعلم مرشد فهو مرشد في رحلة المعرفة ، يعتمد على تجاربه وخبرته لأنه يعرف الطريق والمسافرين ويهتم اهتماماً بالغاً بتعليمهم .
2. المعلم مربًّ :- يعلم وفقاً للمفهوم القديم للتعليم فهو يساعد الطالب على التعلم .
3. المعلم مجدد وهو جسر بين الأجيال.
4. المعلم قدوة ومثلٌ ، في المواقف ، في الكلام ، في العادات ، اللباس .
5. المعلم باحث يطلب المزيد من المعرفة0
6. المعلم ناصح أمين وصديق حميم ومبدع وحافز على الابداع.
7. المعلم خبير وإنسان يعرف ، ويعرف أنه يعرف ان عليه ان يكون واسع المعرفة .
8. المعلم رجل متنقل ، قصّاص ، ممثل، مناظر ، باني مجتمع .
9. المعلم يواجه الحقيقة ، طالب علم ومعرفة ، مقوّم ، مخلص ، المعلم إنسان .
وبناءً على ذلك نستطيع القول إن المعلم يجب أن يكون بمثابة الموجه الحازم للطفل والمرشد الهادي الذي يوجهه إلى ما فيه الإنتاج والخلق والسلوك الاجتماعي الصحيح الأخ الأكبر الذي يهيء لإخوانه الصغار الجو المناسب الذي يميلون إليه ، وعليه إن يعيش معهم فيه ويظهر أمامهم على طبيعته من غير تكلف أو كبرياء ، ومن واجبه كذلك أن يكون معيناً لهم يساعدهم على مقابلة الشدائد والتغلب على الصعاب ، بهذا فقط يستطيع أن يكسب ثقة تلاميذه وحبهم له، ويستطيع أن يؤثر في نفوسهم ويوجههم إلى ما فيه خيرهم وخير الإنسانية فكم من معلم محبوب أثر في تلاميذه أكبر الأثر فجعلهم يشغفون بأقل الأشياء جاذبية وأكثرها جفافا.